"الإله الشّبح" لـ جون واتهي
**المقدمة**
يستكشف جون واتهي، عالم الأعصاب والأحياء، في كتابه "The Phantom God" الأصول العصبية والتطورية للمعتقدات الدينية. يجادل بأن إدراك الله أو الإلهي ينشأ من تراكيب الدماغ البشري والعمليات الإدراكية، وليس من واقعٍ متسامٍ. يعتمد الكتاب على بيانات علمية ليوضح أن التجارب الدينية هي بناءات ذهنية.
**علم الأعصاب والتجارب الدينية**
يفحص واتهي كيف تنشط مناطق دماغية محددة، مثل القشرة الأمامية الجبهية والنظام الحوفي، خلال حالات التأمل أو الصلاة أو التجارب الصوفية. يربط هذه الظواهر بآليات مثل إفراز الناقلات العصبية (الدوبامين، السيروتونين)، التي تخلق إحساسًا بالوحدة أو وجود إلهي. تُقارن تجارب "الخروج من الجسد" أو الرؤى بحالات وعي مُغَيَّرة، مشابهة لتلك التي تُحدثها المواد النفسانية.
**علم النفس التطوري والدين**
يقترح الكاتب أن الميل للاعتقاد بكيانات خارقة نتج عن سمات تطورية تكيفية، مثل التيقظ المفرط تجاه الفواعل القصديين (مفيد لاكتشاف المفترسين). هذه "الحساسية المفرطة للفواعل" شجعت على ظهور معتقدات في أرواح أو آلهة. الدين، بحسب واتهي، هو نتاج ثانوي لآليات إدراكية تطورت للتنشئة الاجتماعية واكتشاف الأنماط في البيئة.
**نقد الأديان المُنظمة**
ينتقد واتهي دور المؤسسات الدينية في استغلال المخاوف الوجودية (الموت، الفوضى) للسيطرة على السلوك. يحلل كيف تعزز العقائد التماسك الاجتماعي بينما تُبرر ممارسات قمعية (حروب مقدسة، تمييز). الإيمان، بحسبه، يُحافظ عليه غالبًا عبر انحيازات إدراكية (انحياز التأكيد، التنافر المعرفي).
**الإله كوهم إدراكي**
الفكرة المركزية للكتاب هي أن الإله "وهم ناتج عن الإسقاط الذهني"، ينشأ من عجز الدماغ عن التمييز بين الواقع الخارجي والبناءات الداخلية. يقارن واتهي هذا الوهم بظواهر مثل الأوهام البصرية، الحتمية لكن غير الموضوعية. يرفض استخدام التجربة الدينية كدليل على وجود الله، مشيرًا إلى تباينها الثقافي.
**ردود على الحجج المضادة**
يناقش واتهي وجهات النظر اللاهوتية، ويرفض فكرة "الإله الفلسفي" المجرد. يؤكد أن حتى المفاهيم غير الشخصية (مثل إله سبينوزا) تظل إسقاطات بشرية. تشمل الدراسات المذكورة تجارب التصوير العصبي ومقارنات طقوس ثقافية متنوعة.
**الآثار المجتمعية**
في الختام، يطالب واتهي بمجتمع قائم على العقلانية والأخلاق الإنسانية بدلًا من المعتقدات الميتافيزيقية. يقترح أن فهم الأسس البيولوجية للدين قد يقلل الصراعات الطائفية ويعزز "روحانية علمانية" تركز على التعاطف والمسؤولية الجماعية.
**الموقع الأكاديمي**
يدخل الكتاب في سياق أعمال دانيال دينيت ("كسر التعويذة") وريتشارد دوكينز ("وهم الإله")، مقدّمًا منظورًا عصبيًا حديثًا، مع دمج اكتشافات جديدة حول الوعي والإدراك الاجتماعي.
**الخاتمة**
يُقدّم "The Phantom God" تركيبًا متعدد التخصصات مقنعًا (وإن كان مثيرًا للجدل)، يتحدى التفسيرات الحرفية للتجارب الدينية. يدعو واتهي إلى التفكير في الأسس البيولوجية للروحانية، دون إنكار عمقها العاطفي، لكن بإعادة تفسيرها كظاهرة إنسانية طبيعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق