الأمّيّة في المجتمعات النّاطقة بالعربيّة
تعتبر الأمية من أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات الناطقة بالعربية، فهي تعيق التنمية الشاملة وتحد من فرص الأفراد في المشاركة الفاعلة في بناء مجتمعاتهم. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لمحو الأمية، إلا أن هذه الظاهرة لا تزال مستشرية في العديد من الدول.
تتعدد أسباب تفشي الأمية في المجتمعات الناطقة بالعربية، ولعل أهمها العوامل الاجتماعية والاقتصادية: فالفقر، التفاوت الطبقي، عدم المساواة بين الجنسين، والتركيز على التعليم التقليدي بدلًا من التعليم المهني أسباب جوهرية لا يمكن أن نغفل عنها. في نفس درجة الأهمية، نجد الحروب والصراعات، إذ تؤدي النزاعات إلى تدمير البنية التحتية للتعليم وتشريد السكان، مما يؤثر سلبًا على فرص التعليم. كما أن النمو السكاني السريع يؤدي إلى زيادة الضغط على الموارد التعليمية وتقليل جودة التعليم. كذلك غياب الإرادة السياسية في بعض الدول الناطقة بالعربية لتخصيص الموارد الكافية لمحو الأمية وتطوير التعليم، والفساد المستشري فيها.
وتؤكد الأرقام والإحصائيات على خطورة مشكلة الأمية في العالم الناطق بالعربية: فحسب اليونسكو: بلغت نسبة الأمية بين الشباب في هذه الدول حوالي 25% عام 2019، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى. وتتفاوت هذه النسبة بين هذه الدول، حيث تعاني بعضها من نسب عالية جدًا، بينما حققت دول أخرى تقدمًا ملحوظًا في محو الأمية. وتعاني النساء من نسبة أمية أعلى من الرجال في العديد من هذه الدول، وذلك بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية التي تحد من فرص تعليم المرأة.
وتؤثر الأمية سلبًا على الفرد والمجتمع على حد سواء، حيث تؤدي إلى: تقييد فرص العمل، إذ يجد الأميون صعوبة في الحصول على وظائف جيدة، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر. كما يؤدي انخفاض مستوى التعليم إلى تدني المستوى المعيشي للأفراد والأسر وصعوبة المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية (يجد الأميون صعوبة في فهم القضايا السياسية والاجتماعية والمشاركة في اتخاذ القرارات) وتخلف المجتمع (تؤدي الأمية إلى تخلف المجتمع وتأخر تقدمه، حيث يعتمد التقدم على التعليم والمعرفة.)
ولمواجهة مشكلة الأمية، يجب القيام بدراسات شاملة وكاملة واتخاذ مجموعة من الإجراءات، لعل ابرزها توفير التعليم المجاني والإلزامي لجميع الأطفال والشباب وتطوير المناهج الدراسية لتناسب احتياجات سوق العمل وتشجيع التعلم مدى الحياة وتدريب المعلمين على استخدام أساليب تدريس حديثة وفعالة وتوفير البنية التحتية التعليمية الضرورية من مدارس ومكتبات ومختبرات مجهزة بالوسائل التعليمية الحديثة. كما يجب تشجيع التعليم غير النظامي للأميين والكبار. ومن الضروري أيضا توعية المجتمع بأهمية التعليم ودوره في التنمية وتحسين ظروف عيش الأفراد.
تعتبر الأمية تحديًا كبيرًا يواجه المجتمعات الناطقة بالعربية، ولكن يمكن التغلب عليه من خلال تضافر جهود الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص. ويجب الإستثمار في التعليم وتوفير الفرص التعليمية للجميع، حتى نتمكن من بناء مجتمعات متعلمة ومتقدمة.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق