🟡 سامية وجمال: حكاية أمّ وقلبها (قصة قصيرة)

.

سامية وجمال: حكاية أمّ وقلبها

.

في حيّ صغير يلفّه الهدوء صباحًا، كانت سامية تقف كل يوم عند باب بيتها، تمسك بيد ابنها جمال، ذي السّتّ سنوات، وتسير معه في الطريق إلى المدرسة. جمال، الطفل ذو العيون الواسعة والضحكة التي تشبه شروق الشمس، كان أغلى ما تملكه سامية في هذا العالم.
قبل خمسة عشر سنة، كانت سامية وزوجها يعيشان في صبر وأمل. أطباء كثيرون، دعوات لا تُحصى، ودموع سالت في صمت. ثم جاء اليوم الذي تغيّرت فيه حياتهما، يوم أخبرها الطبيب بأنها ستصبح أمًا.
حين وُلد جمال، شعرت سامية بأن العالم أصبح أكثر إشراقًا. لكنه لم يكن إشراقًا بلا قلق. قصص الاختطاف التي تسمعها عن الأطفال لم تدع قلبها يهدأ. كيف لا تخاف، وهي التي انتظرت هذا الطفل عقدًا كاملًا؟
كل صباح، كانت ترتدي ملابسها وتمسك بيد جمال الصغيرة في يدها، تسير به إلى المدرسة التي تبعد بضع شوارع فقط عن منزلهما. كان جمال يطلب أحيانًا أن يذهب وحده، مثل باقي الأطفال. لكن سامية كانت تبتسم وتقول: "عندما تكبر قليلًا، يا بني، سأدعك تمشي وحدك."
في الطريق، كانت تحكي له قصصًا عن الحيوانات، وتسأله عن أصدقائه ومعلّميه. وكانت تراقب وجوه المارّة بعينين يقظتين، وكأنها لبؤة تحمي شبلها.
ذات صباح، أثناء عودتها من المدرسة بعد أن ودّعت جمال عند الباب، توقفت سامية عند بائع الزهور. اشترت وردة بيضاء، وقبّلتها كما لو كانت تهديها لابنها البعيد. كانت الوردة رمزًا لصلاة صامتة، أن يبقى جمال في أمان، بعيدًا عن كل شرّ.
مرت السنوات، وكبر جمال، وبدأ يذهب إلى المدرسة وحده. لكن سامية، حتى بعدما صار شابًا، كانت تقف عند نافذة المنزل كل صباح، تراقب خطواته من بعيد. لم تكن المسافة التي يقطعها بجسده هو ما يقلقها، بل المسافة التي قد يبتعد فيها عن أمان قلبها.
في يوم من الأيام، عاد جمال إلى المنزل ومعه وردة بيضاء. قال لها بابتسامة: "أماه، هذه لكِ. لأني أعرف كم أحببتِ أن تكوني دائمًا قريبة مني."
حينها فقط، شعرت سامية أن هذا أحسن جزاء لخوفها عليه، وأن رحلتها اليومية معه كانت رحلة في أعماق الحبّ الذي لا ينتهي.
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🔴 Bacha Bazi: Le phénomène, ses racines et les solutions possibles

Bacha Bazi: Le phénomène, ses racines et les solutions possibles . . Qu’est-ce que le Bacha Bazi ?   Le Bacha Bazi, qui signifie en persan «...