🟡 هوس علي (قصة قصيرة)

هوس علي


كان علي فتى القرية الذي لم يعرف حبًا غير حب سعاد. منذ طفولته، كان يتبعها كظلها، ينظر إليها بعينين يملؤهما الإعجاب، ويخترع الأسباب ليمضي الوقت بقربها. كانت سعاد ابنة عمه، لكنها كانت أكثر من مجرد قريبة، كانت عالمه بأسره، الشمس التي تدور حولها أفكاره، والنجمة التي يهتدي بها قلبه.


كبر علي وكبرت معه مشاعره، تحولت من إعجاب طفولي إلى حب جارف، حب ظل صامتًا، متخفيًا خلف نظراته الطويلة وكلماته التي كانت دائمًا تبحث عن رضاها. لم يكن جريئًا بما يكفي ليبوح لها بمكنونات قلبه، لكنه كان يقنع نفسه بأنها تشعر بذلك، بأنها تدرك حبه دون الحاجة إلى الكلام.


لكن قلب سعاد كان ينبض لرجل آخر.


لم يدرك علي ذلك إلا عندما لاحظ كيف كانت تضيء عيناها كلما ذُكر اسم حسن، الشاب الذي كان يعمل في المدينة وعاد مؤخرًا ليبدأ مشروعًا صغيرًا في القرية. كان حسن رجلاً واثقًا من نفسه، يحمل ابتسامة تجعل الناس يطمئنون إليه، وكانت سعاد واحدة من أولئك الذين وقعوا في سحره.


في البداية، رفض علي أن يصدق. أقنع نفسه أنها مجرد صداقة، مجرد إعجاب عابر. لكنه بدأ يلاحظ كيف كانت تنصت إلى حسن باهتمام، كيف كانت تضحك على نكاته، كيف تسرع إلى النافذة حين يمر صوته في الشارع.


في إحدى الأمسيات، جلس علي قرب النهر الذي كان شاهداً على أحلامه الكثيرة. أخذ حجرًا ورماه في الماء، راقب الدوائر التي تشكلت على السطح، وتخيل قلبه وهو يتشقق كما تشقق سطح الماء. لم يكن يعرف الغيرة بهذا العمق من قبل، لكنها الآن كانت تنهشه كوحش جائع.


حاول علي أن يتجاهل الأمر، لكنه لم يستطع. بدأت تصرفاته تتغير، صار أكثر عصبية، وأكثر صمتًا. كان يراقب سعاد من بعيد، يدرس ملامحها عندما يكون حسن قريبًا، يبحث عن أي إشارة تدل على أنها لا تبادله الحب. لكنها لم تمنحه تلك الإشارة أبدًا.


وذات يوم، سمع الخبر الذي كان يخشاه: حسن تقدم لخطبة سعاد.


شعر وكأن العالم انهار فوق رأسه. مشى بلا هدف في طرقات القرية، لم يشعر بشيء سوى طنين غاضب في أذنيه. كيف يمكن لهذا أن يحدث؟ كيف يمكن لفتاة انتظرها طيلة حياته أن تختار غيره؟


في الليل، جلس في غرفته المظلمة، يحدق في صورة قديمة تجمعهما في طفولتهما. كم مرة تخيل هذا اليوم مختلفًا؟ كم مرة حلم أن يكون هو من يمسك بيدها أمام الجميع ويعلن أنها له وحده؟


لم يستطع النوم تلك الليلة، ولم يستطع حضور الحفل الذي أقيم بمناسبة خطوبتهما. ظل في غرفته، يستمع إلى أصوات الفرح من بعيد، وأحس كأن كل ضحكة كانت خنجرًا يزرع في صدره.


في الأيام التالية، تغير علي. صار شاحبًا، قليل الكلام، يتهرب من الجلوس مع العائلة. حتى أمه لاحظت ذلك، لكنها لم تستطع أن تواسيه بشيء، فهي كانت تدرك سر حزنه، وتدرك أنه لم يكن هناك شيء يمكنها قوله ليخفف عنه.


مرت الأيام، وتزوجت سعاد، وانتقلت إلى بيت زوجها، بينما بقي علي في نفس القرية، يعيش بين الذكريات التي لم تعد تعني شيئًا لأحد سواه. ظل يحبها في صمت، لكن مع مرور الوقت، أدرك أن بعض المشاعر ليست سوى عبء يجب أن يتعلم الإنسان كيف يضعه جانبًا.


وفي أحد الأيام، وقف أمام النهر مجددًا، رمى حجرًا آخر، وراقب الدوائر تتلاشى. تمامًا كما تلاشى حب لم يكن مقدرًا له أن يزهر.


.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🔴 Bacha Bazi: Le phénomène, ses racines et les solutions possibles

Bacha Bazi: Le phénomène, ses racines et les solutions possibles . . Qu’est-ce que le Bacha Bazi ?   Le Bacha Bazi, qui signifie en persan «...