🟡 خيوط الخداع (قصة قصيرة)

.

 خيوط الخداع

.

في إحدى القرى الصغيرة على أطراف مدينة كبيرة، كانت تعيش سيدة تُدعى سارة، امرأة في الثلاثين من عمرها، بسيطة وجميلة، ناعمة الطباع، تحب الحياة وتهتم بتفاصيلها. كانت تعيش مع والدتها المسنّة في منزل متواضع من طابقين، في حي هادئ حيث يعرف الجميع بعضهم البعض. سارة كانت تملك قلباً طيباً، ولكن حياتها كانت تفتقر إلى الحظ. فقد فقدت والدها منذ سنوات طويلة، وكان والدتها تعاني من مرض مزمن جعلها تعتمد على سارة بشكل كامل.

ذات يوم، بينما كانت سارة تسير في السوق، لفت انتباهها رجل غريب الأطوار، طويل القامة، يرتدي بدلة أنيقة وبدا عليه أنه في الثلاثينيات من عمره. كان يحمل في عينيه بريقاً غامضاً، وعندما اقترب منها، ابتسم ابتسامة عريضة تحمل في طياتها نوعاً من الثقة الغريبة.

"أهلاً، هل لي بمساعدتك في حمل هذا الصندوق؟ يبدو أنني فقدت الطريق هنا." قال الرجل بصوت ناعم ولغة مؤدبة.

تفاجأت سارة من الطريقة التي تحدث بها، لكن رغبتها في مساعدة الآخرين جعلتها تقترب منه وتساعده بحذر. لم يكن الصندوق ثقيلاً كما ادعى، لكنه كان مجرد حيلة لتقريب المسافات بينهما. بدأ الرجل يتحدث عن نفسه، عن عمله في إحدى الشركات الكبيرة في المدينة، وعن كيفية وصوله إلى تلك القرية في عطلة قصيرة.

بدأت سارة تشعر بالراحة معه، فمحادثاته كانت مليئة بالحكمة والود. كان يمدحها ويثني على جمالها وأخلاقها، وأشار في أكثر من مرة إلى شخصيتها الرائعة. وفي إحدى الجلسات المسائية التي جمعتهما في أحد المقاهي الصغيرة في قلب القرية، أعلن عن إعجابه بها وطلب يدها للزواج.

"أنتِ تختلفين عن جميع النساء الذين قابلتهم، سارة، أنتِ تحملين في قلبك شيئاً نادراً... هل تمانعين أن أكون رفيق دربك في الحياة؟" قال ذلك وهو ينظر إلى عينيها مباشرة.

سارة، التي كانت تحلم دائماً بشريك حياة يملؤها بالحب والاحترام، شعرت بالدهشة، لكن سرعان ما أذابت كلمات الرجل جليد قلبها، ووافقت على الزواج بعد أشهر قليلة من تعرفهما. بدا كل شيء وكأنه يمر في وقت قياسي، لكن سارة كانت في تلك الفترة بحاجة لشخص يملأ الفراغ في حياتها.

لكن وراء الابتسامات والكلمات الرقيقة، كان الرجل يخبئ شيئاً آخر. اسمه كان أحمد، وقد كان في الحقيقة ليس ذلك الرجل الذي ادعى أنه كان، بل كان محتالاً محترفاً. لقد درب نفسه على فنون الخداع والتمويه لدرجة أنه أصبح يتقن إخفاء نواياه الحقيقية.

تم الزفاف في حفل بسيط، ورغم بساطته، كان الحفل يبدو كالأسطورة في عيون سارة. كان أحمد يتصرف كالأمير، يمدحها ويعشقها، ويعدها بحياة أفضل، حياة كانت تفتقدها في الماضي.

مرت الأشهر الأولى وكأنها حلم جميل. أحمد كان يقدم لها الهدايا، ويأخذها في رحلات إلى أماكن جديدة، وكان يطمئنها بأن كل شيء سيكون على ما يرام. لكن شيئاً فشيئاً، بدأت سارة تلاحظ تغييرات صغيرة في سلوكه. كان يطلب منها التوقيع على بعض الأوراق دون شرح كافٍ، وكانت لديه معرفة غير مبررة بتفاصيل حياتها المالية.

ثم جاء اليوم الذي تغيرت فيه الأمور بالكامل. استفاقت سارة في صباح أحد الأيام لتجد أن أحمد قد اختفى تماماً من حياتها. لم يترك خلفه سوى ورقة صغيرة مكتوبة بخط يده، جاء فيها: "لقد أخذت كل ما كنت أحتاجه، ولكنكِ ستظلِ دائماً في ذاكرتي."

وبعد أن مرّت سارة بحالة من الصدمة والحزن العميق، اكتشفت الحقيقة الصادمة. الرجل الذي أحبته ووافقت على الزواج منه، لم يكن سوى محتالاً قد رتب كل شيء بعناية ليتمكن من سرقة كل ما تملك. لقد أخذ من خزانتها كل الذهب الذي جمعته طوال سنوات حياتها، بالإضافة إلى بعض المقتنيات الثمينة التي كانت قد ورثتها عن والدتها. وكل ما تركه وراءه هو الحزن والدموع.

شعرت سارة وكأن الأرض قد انشقت تحت قدميها، وتساءلت كيف يمكن لشخص أن يتلاعب بحياة شخص آخر إلى هذا الحد. ولكن سرعان ما أدركت أنه لا بد أن تستعيد قوتها، فهذه الحياة لا تتوقف عند خسارة واحدة. وقررت أن تبدأ من جديد، وأن تتعلم من هذه التجربة القاسية. ورغم كل شيء، كانت تملك شيئاً أكثر قيمة من الذهب؛ كانت تملك درساً لن تنساه أبدًا.

مرت أشهر، وتدريجيًا استطاعت سارة إعادة بناء حياتها، ولكن الألم الذي شعرت به في ذلك الوقت لن يُنسى بسهولة. كان الحزن جزءًا من شخصيتها الآن، لكنه أصبح شيئًا يمكنها تحمله والتعايش معه.

أما أحمد، فقد تبخر تمامًا، كما لو أنه لم يكن موجودًا من الأساس، تاركًا وراءه خيوطًا من الخداع والخذلان.

.

🟡 نبيُّ الشاشة الزرقاء (قصة قصيرة)

 .

نبيُّ الشّاشة الزرقاء
.
في إحدى المدن المزدحمة، التي تتلألأ أضواؤها ليلًا كأنها مجرة في قلب الأرض، ظهر رجل يُدعى "سالم". كان سالم موظفًا عاديًا في شركة لتطوير البرمجيات، يقضي يومه بين الأكواد والشاشات الزرقاء التي لا تفارقه. رجل وحيد، منطوٍ على نفسه، يعيش في عالمه الخاص، حتى بدأت تظهر عليه أعراض غريبة.
في أحد الأيام، بينما كان سالم يعمل على برنامج معقد، توقفت شاشته فجأة، وظهرت رسالة غامضة: "أنت المختار. العالم يحتاجك لتوجيهه نحو الخلاص". اعتقد في البداية أن الأمر مزحة من أحد زملائه، لكن الرسالة كانت تتكرر في كل جهاز يلمسه، حتى على هاتفه الشخصي.
بعد عدة أيام من التفكير والقلق، أعلن سالم أمام زملائه: "لقد تلقيت رسالة من عالمٍ أعلى. أنا نبي هذا العصر، وسأقود البشرية نحو الحقيقة المطلقة."
بدأ سالم دعوته عبر الإنترنت، مستخدمًا منصات التواصل الاجتماعي كمنبر له. أطلق قناته الخاصة على الإنترنت بعنوان "رسائل السماء الرقمية". تحدث عن رؤى غامضة، وبرمجيات خارقة يزعم أنها رسائل من قوى عليا. كانت رسائله تتحدث عن "النظام العالمي الجديد" و"تحرير البشرية من عبودية الخوارزميات".
في البداية، ظنه الناس مجرد شخص يسعى للشهرة، لكن مع مرور الوقت، بدأ يجذب أتباعًا. كان أغلبهم من أولئك الذين سئموا التكنولوجيا ورأوا في كلماته نوعًا من الحكمة. وأطلقوا عليه لقب "نبي العصر الرقمي".
مع ازدياد شعبيته، بدأ سالم يُطلق تطبيقات ادعى أنها "كتب مقدسة"، تحتوي على تعليماته وأفكاره. لكنه سرعان ما أثار الجدل بدعوته الناس إلى التخلص من أجهزتهم الذكية والتواصل عبر "الطاقة الذهنية". أتباعه بدأوا يتصرفون بغرابة، حيث يُغلقون هواتفهم، ويتوقفون عن استخدام الإنترنت، ويجلسون لساعات يتأملون.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد. بدأ سالم ينظم تجمعات ضخمة في المدينة، حيث يُلقي خطبًا نارية عن خطر التكنولوجيا وكيف أنها تسلب الإنسان روحه. في أحد هذه التجمعات، صعد على المسرح وأعلن: "هذا هو يوم الخلاص! عليكم أن تتحرروا الآن!"
طلب من الحضور تحطيم أجهزتهم أمامه، وألقى هاتفه الشخصي على الأرض محطمًا إياه. الحشود تجاوبت، وتحوّل الحدث إلى فوضى عارمة.
في خضم هذه الأحداث، تدخلت السلطات. تم القبض على سالم للتحقيق معه بعد أن اتهمه بعض الأهالي بالتسبب في اضطرابات اجتماعية. أثناء التحقيق، تحدث عن الرسائل السماوية التي تلقاها وكيف أنه كان يحاول إنقاذ البشرية.
بعد تقييم حالته العقلية، تم تحويل سالم إلى مستشفى الأمراض النفسية. الأطباء شخصوا حالته باضطراب ذهاني ناتج عن العزلة والإفراط في استخدام التكنولوجيا.
في غرفته بالمستشفى، كان سالم يجلس أمام جدار فارغ، يتحدث كما لو أنه يخاطب جمهورًا. يقول للأطباء والممرضين الذين يزورونه: "ستدركون يومًا أنني كنت على حق. عندما يتوقف العالم عن التفكير بآلاته، ستذكرونني."
رغم اختفاء سالم من المشهد، بقيت قناته على الإنترنت وأفكاره التي تناقلها أتباعه. تحول "نبي الشاشة الزرقاء" إلى رمز لبعض الأشخاص الذين رفضوا التكنولوجيا وعاشوا بعيدًا عن الحياة الحديثة.
لكن بالنسبة لمعظم الناس، كان سالم درسًا عن خطورة الانغماس في العوالم الرقمية، وكيف يمكن أن تبتلع الإنسان حتى يفقد عقله.
.

🔴 Bacha Bazi: Le phénomène, ses racines et les solutions possibles

Bacha Bazi: Le phénomène, ses racines et les solutions possibles . . Qu’est-ce que le Bacha Bazi ?   Le Bacha Bazi, qui signifie en persan «...